كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الفرع الرابع عشر: قد قدمنا في أول الكلام في هذه المسألة التي هي مسألة ما يمتنع على المحرم بسبب إحرامه، ما يُمنع المحرم من لبسه من أنواع الملبوس، وسنذكر في هذا الفرع ما يلزم في ذلك عند الأئمة.
فذهب الشافعي، وأصحابه: إلى أنه إن لبس شيئًا مما قدمنا أنه لا يجوز لبسه مختارًا عامدًا، أثم بذلك، ولزمته المبادرة إلى إزالته ولزمته الفدية سواءً قصر زمان اللبس أو طال، لا فرق عندهم في ذلَكِن ولا دليل عندهم للزوم الفدية في ذلك، إلا القياس على حلق الرأس المنصوص عليه في آية الفدية، واللبس الحرام الموجب للفدية عندهم محمول على ما يعتاد في كل ملبوس، فلو التحف بقميص أو قباء، أو ارتدى بهما، أو ائتزر سراويل: فلا فدية عليه عندهم، لأنه ليس لبسًا له في العادة، فهو عندهم كمن لفق ازارًا من خرق وطبقها وخاطها: فلا فدية عليه بلا خلاف، وكذا لو التحف بقميص أو بعباءة أو إزار ونحوها ولفها عليه طاقًا أو طاقين، أو أكثر فلا فدية، وسواء فعل ذلك في النوم أو اليقظة قاله النووي ثم قال: قال أصحابنا: وله أن يتقلد المصحف وحمائل السيف، وأن يشهد الهميان والمنطقة في وسطه، ويلبس الخاتم، ولا خلاف في جواز هذا كله، وهذا الذي ذكرناه في المنطقة والهميان مذهبنا، وبه قال العلماء كافة، إلا ابن عمر في أصح الروايتين عنه فكرههما، وبه قال نافع مولاه.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: ما ذكره النووي رحمه الله، من كون جواز شد المنطقة والهميان في وسطه، هو قول العلماء كافة، إلا ابن عمر في أصح الروايتين فيه نظر، فإن مذهب مالك، وأصحابه: منع شد المنطقة والهميان، فوق الإزار مطلقًا، وتجب به الفدية عندهم.
أما شد المنطقة مباشرة للجلد تحت الإزار، فهو جائز عندهم، بشرط كونه يريد بذلك حفظ نفقته، فلا يجوز إلا تحت الإزار، لضرورة حفظ النفقة خاصة، وإلا فتجب الفدية، وشد المنطقة لغير النفقة تجب به الفدية أيضًا، عند أحمد. والهميان قريب مما تسميه العامة اليوم: بالكمر.
قال الشيخ الحطاب في كلامه على قول خليل في مختصره عاطفًا على ما يجوز للمحرم: وشد منطقة لنفقته على جلده. قال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب: المنطقة: الهميان، وهو مثل الكيس تجعل فيه الدراهم. اهـ.
وروى البيهقي بإسناده عن عائشة: أنه لا بأس بشد المنطقة لحفظ النفقة، وما في المغني من رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيه نظر، والظاهر أنه من قول ابن عباس، والمرفوع عند الطبراني وفي إسناده يوسف بن خالد السمتي، وهو ضعيف. قاله في مجمع الزوائد، وقال في التقريب في يوسف المذكور: تركوه، وكذبوه.
وإذا علمت مما مر أن اللبس الحرام على المُحرم، تجب به الفدية عند الشافعية، وأنه لا فرق عندهم بين اللحظة والزمن الطويل، فاعلم أن الأصح عندهم، وبه جزم الأكثرون: أن اللازم في ذلك هو فدية الأذى المذكورة في آية الفدية. ودليلهم القياس كما تقدم، ولهم طريقان غير هذا في المسألة إحداهما، وذكر أبو على الطبري في الإيضاح، وآخرون من العراقيين أن في المسألة قولين:
أحدهما: أنه كالمتمتع، فيلزمه ما استيسر من الهَدْي فإن لم يجد فصيام عشرة أيام كما هو معلوم.
والقول الثاني: أنه يلزمه الهدْي فإن لم يجده قومه دراهم، وقوم الدراهم طعامًا، ثم يصوم عن كل مد يوما.
الطريق الثانية: هي أن في المسألة عندهم أربعة أوجه أصحها: أنه كالحلق لاشتراكهما في الترفه.
والثاني: أنه مخير بين شاة، وبين تقويمها، ويخرج قيمتها طعامًا، ويصوم عن كل مد يوما.
الثالث: تجب شاة، فإن عجز عنها، لزمه الطعام بقيمتها.
والرابع: أنه كالمتمتع. اهـ. من النووي.
وقد علمت أن الصحيح عند الشافعية: أن اللبس الحرام تلزم فيه فدية الأذى، وهذا حاصل مذهب الشافعي، وأصحابه في المسألة ومذهب أحمد، وأصحابه: أن الفدية تجب بقليل اللبس وكثيره كمذهب الشافعي. ويجوز عند الشافعي، وأصحابه: للرجل المُحرِم ستر وجهه، ولا فدية عليه، بخلاف البياض الذي وراء الآذان.
قال النووي: وبه قال جمهور العلماء: يعني جواز ستر المحرم وجهه، وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجوز كرأسه.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: وهذا القول الأخير أرجح عندي كما تقدم، لأن في صحيح مسلم في المحرم الذي خر من بعيره، فمات «ولا تخمروا وجهه ولا رأسه» وقد قدمنا أن العلة كونه يبعث ملبيًّا. فدل هذا الحديث الصحيح على أن إحرام الرجل مانع من ستر وجهه، وما أول به الشافعية وغيرهم الحديث المذكور، ليس بمقنع فلا يجوز العدول عن ظاهر الحديث إليه، ولا عبرة بالأجلاء الذين خالفوا ظاهره، لأن السنة أولى بالاتباع، والآثار التي رووها عن عثمان وزيد بن ثابت، ومروان بن الحكم، لا يعارض بها المرفوع الصحيح والله أعلم.
والظاهر لنا: أن ما يُروى عن أبي حنيفة والثوري وسعد بن أبي وقاص: من جواز لبس المحرمة القفازين، خلاف الصواب لما قدمنا من حديث ابن عمر الثابت في الصحيح، وفيه «ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين» الحديث. ولم يثبت شيء صحيح من كتاب أو سنة، يخالفه، وما قاله بعض أهل العلم من الحنابلة وغيرهم، من النهي عن لبس المرأة الخلخال والسوار خلاف الصواب: والظاهر: جواز ذلك: ولا دليل يمنع منه. والله أعلم.
أما لبس الرجل القفازين، فلم يخالف في منعه أحد، وعند الشافعية: إذا طلى المحرم رأسه بطين، أو حِناء أو مرهم ونحو ذلك فإن كان رقيقًا لا يستر فلا فدية، وإن كان ثخينًا ساترًا فوجهان أصحهما: وجوب الفدية.
والثاني: لا تجب لأن ذلك لا يعد ساترًا ولو توسد وسادة، أو وضع يده على رأسه، أو انغمس في ماء أو استظل بمحمل، أو هودج، فذلك عند الشافعية: جائز، ولا شيء فيه، سواء مس المحمل رأسه أم لا، وفيه قول ضعيف: أنه إن مس المحمل رأسه، وجبت الفدية.
وضابط ما تجب به الفدية عندهم هو: أن يستر من رأسه قدرًا يقصد ستره، لغرض كشد عصابة وإلصاق لصوق لشجة ونحوها: والصحيح عندهم: أنه إن شد خيطًا على رأسه لم يضره، ولا فدية عليه، ولو جرح المحرم فشد على جرحه خرقة، فإن كان الجرح في غير الرأس فلا فدية، وإن كان في الرأس، لزمته الفدية ولا إثم عليه.
وقد قدمنا أن إحرام المرأة في وجهها فلا يجوز لها ستره بما يعد ساترًا، ولها ستر وجهها عن الرجال، والأظهر في ذلك أن تسدل الثوب على وجهها متجافيًّا عنه لا لاصقًا به. والله أعلم.
ويجوز عند الشافعية: أن يعقد الإزار ويشد عليه خيطان، وأن يجعل له مثل الحجزة، ويدخل فيها التكة، لأن ذلك من مصلحة الإزار لا يستمسك، إلا بنحو ذلك، وقيل: لا يجوز له جعل حجزة في الإزار، وإدخال التكة فيها، لأنه حينئذ يصير كالسراويل، والصحيح عندهم الأول، والأخير ضعيف عندهم، وكذلك القول بمنع عقد الإزار ضعيف عندهم. أما عقد الرداء فهو حرام عندهم، وكذلك عندهم خله بخلال، وربط طرفه إلى طرفه الآخر بخيط، كل ذلك لا يجوز عندهم، وفيه الفدية، وفيه خلاف ضعيف عندهم.
ووجه تفريقهم بين الإزار والرداء أن الإزار يحتاج إلى العقد، بخلاف الرداء، ولو حمل المحرم على رأسه زنبيلًا، أو حملًا، ففي ذلك عند الشافعية طريقان أصحهما: أن ذلك جائز، ولا فدية فيه، لأنه لا يقصد به الستر كما لا يُمنع المحدث من حمل المصحف في متاع. اهـ. ومذهب الإمام أحمد في جواز عقد الإزار، ومنع عقد الرداء كمذهب الشافعي. ويجوز عند الإمام أحمد أن يشد في وسطه منديلًا أو عمامة أو حبلًا ونحو ذلك، إذا لم يعقده فإن عقده منع ذلك عنده، وإنما يجوز إذا أدخل بعض ذلك الذي شد على وسطه في بعض.
قال في المغني: قال أحمد في محرم: حزم عمامة على وسطه لا تعقدها، ويدخل بعضها في بعض، ثم قال: قال طاوس: رأيت ابن عمر يطوف بالبيت، وعليه عمامة قد شدها على وسطه، فأدخلها هكذا. وقد قدمنا أن مثل هذا يجوز عند المالكية لضرورة العمل خاصة، ثم قال في المغني: ولا يجوز أن يشق أسفل ردائه نصفين، ويعقد كل نصف على ساق لأنه يشبه السراويل انتهى من المغني. وفيه عند الشافعية وجهان أصحهما: المنع، ولزوم الفدية، لأنه كالسراويل، كما قال صاحب المغني.
والوجه الثاني: لا فدية في ذلك، وهو ضعيف. اهـ.
وأظهر قولي أهل العلم عندي: أن لبس الخف المقطوع، مع وجود النعل تلزم به الفدية. والله أعلم.
ومذهب مالك وأصحابه في هذه المسألة: هو أن المحرم إن لبس ما يحرم عليه لبسه لزمته فدية الأذى، ويستوي عندهم الخياطة والعقد والتزرر والتخلل والنسج على هيئة المحيط، ولَكِن بشرط أن ينتفع بذلك اللبس، من حر، أو برد، أو يطول زمنه كيوم كامل، لأن ذلك مظنة انتفاعه به من حر أو برد. أما إذا لبس المحرم ما يحرم عليه لبسه، ولم ينتفع بلبسه من حر أو برد، ولم يدم لبسه له يوما كاملًا، فلا فدية عليه عندهم، ومشهور مذهب مالك: أن للمحرم أن يشد في وسطه الحزام، لأجل العمل خاصة، ولا يعقده، وأن له أن يستثفر عند الركوب والنزول. وعنه في الاستثفار للركوب والنزول قول بالكراهة ولا فدية فيه على كل حال. والاستثفار: شد الفرج بخرقة عريضة ويوثق طرفاها إلى شيء مشدود على الوسط، وهو مأخوذ من ثغر الدابة، الذي يجعل تحت ذنبها، أو من ثفر الدابة بمعنى: فرجها، ومنه قول الأخطل:
جزى الله عنا الأعورين ملامة ** وفروة ثفر الثورة المتضاجم

فقوله: ثفر الثورة يعني: فرج البقرة، وهو بدل من فروة، والمتضاجم المائل وهو مخفوض بالمجاورة، لأنه صفة للثفر، وهو منصوب وفروة اسم رجل جعله في الخبث، والحقارة كأنه فرج بقرة مائل. وستر المحرم وجهه عند المالكية، كستر رأسه: تلزم فيه الفدية، إن ستر ذلك بما يعد ساترًا كالمحيط، ويدخل في ذلك ما لو ستره بطين أو جلد حيوان يسلخ، فيلبس، ولا يمنع عندهم لبس المخيط، إذا استعمل استعمال غير المخيط، كأن يجعل القميص إزارًا أو رداءً، لأنه إذا ارتدى بالقميص مثلًا، لم يدخل فيه حتى يحيط به، لأنه استعمله استعمال الرداء، ولا بأس عندهم باتقاء الشمس أو الريح باليد يجعلها على رأسه أو وجهه.
وله وضع يده على أنفه من غبار، أو جيفة مرَّ بها. ويستحب ذلك له عندهم، إنْ مرَّ على طيب وتلزم عندهم الفدية بلبس القباء، وإن لم يدخل يده في كمه، وحمله بعضهم على ما إذا أدخل فيه منكبيه، وأطلقه بعضهم. ولا يجوز عندهم أن يظلل المحرم على رأسه، أو وجهه بعصًا فيها ثوب فإن فعل افتدى، وفيه قول عندهم: بعد لزوم الفدية، وهو الحق. والحديث الذي قدمنا في التظليل على النَّبي صلى الله عليه وسلم بثوب يقيه الحر، وهو يرمي جمرة العقبة: يدل على ذلك، وعلى أنه جائز، فالسنة أولى بالاتباع، وأجاز المالكية للمحرم أن يرفع فوق رأسه شيئًا يقيه من المطر.
واختلفوا في رفعه فوقه شيئًا يقيه من البرد. والأظهر الجواز والله أعلم. لدخوله في معنى الحديث المذكور، إذ لا فرق بين الأذى من البرد والحر والمطر والله أعلم. وبعضهم يقول: إن الفدية المذكورة مندوبة لا واجبة. وما يذكره المالكية، من أن من لم يجد الإزار، يكره له لبس السراويل أو يمنع وأن ذلك تلزم فيه الفدية، خلاف التحقيق للحديث المتقدم الذي قال فيه النَّبي صلى الله عليه وسلم: «ومن لم يجد إزارًا فليلبس السَّراويل» وهو حديث صحيح كما تقدم. وظاهره أن من لم يجد إزارًا، فله لبس السراويل من غير إثم ولا فدية، إذ لو كانت الفدية تلزمه لبينه النَّبي صلى الله عليه وسلم لأن البيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة إليه، ولا خلاف بين أهل العلم في الاستظلال بالخباء، والقبة المضروبة والفسطاط والشجرة، وأنْ يرميَ عليها ثوبًا. وعن مالك منع إلقاء الثوب على الشجرة، وأجازه عبد الملك بن الماجشون قياسًا على الخيمة، وهو الأظهر.
واعلم: أن الاستظلال بالثوب على العصا عندهم إذا فعله وهو سائر لا خلاف في منعه، ولزوم الفدية فيه، وإن فعله وهو نازل ففيه خلاف عندهم أشرنا له قريبًا. والحق: الجواز مطلقًا للحديث المذكور، لأن ما ثبتت فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز العدول عنه إلى رأي مجتهد من المجتهدين، ولو بلغ ما بلغ من العلم والعدالة، لأن سنته صلى الله عليه وسلم حجة على كل أحد، وليس قول أحد حجة على سنته صلى الله عليه وسلم، وقد صح عن الأئمة الأربعة رحمهم الله أنهم كلهم قالوا: إذا وجدتم قولي يخالف كتابًا أو سنة، فاضربوا بقولي الحائط، واتبعوا الكتاب والسنة.
وقد قال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: وحدَّثَنِي سلمة بن شبيب، حدثنا الحسن بن أعين حدثنا معقل، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يحيى بن حصين، عن جدته أم الحصين قال: سمعتها تقول: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف، وهو على راحلته، ومعه بلال، وأسامة أحدهما يقود به راحلته، والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشمس. الحديث. وفي لفظ لمسلم، عن أم الحصين: فرأيت أسامة وبلالًا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النَّبي صلى الله عليه وسلم، والآخر رافع ثوبه، يستره من الحر، حتى رمى جمرة العقبة. انتهى محل الغرض من صحيح مسلم، وهو نص صحيح صريح في جواز استظلال المحرم الراكب بثوب مرفوع فوقه يقيه حر الشمس. والنازل أخرى بهذا الحكم، عند المالكية من الراكب، وهذا الحديث الصحيح المرفوع لا يعارض بما روي من فعل عمر. وقول ابنه عبد الله رضي الله عنهما، موقوفًا عليهما ولا بحديث جابر الضعيف في منع استظلال المحرم، والعلم عند الله تعالى. ويجوز عند المالكية: حمل المُحرم زاده على رأسه في خرج أو جراب إن كان فقيرًا تدعوه الحاجة إلى ذلك، أما إن كان ذلك لبخله بأجرة الحمل، وهو غني، أو لأجل تجارة بالمحمول، فلا يجوز، وتلزم به الفدية عندهم، ويجوز عندهم إبدال ثوبه الذي أحرم فيه بثوب آخر، ويجوز عندهم بيعه، ولو قصد بذلك الاستراحة من الهوام التي فيه، إلا أن ينقل الهوام من جسده، أو ثوبه الذي عليه إلى الثوب الذي يريد طرحه فيكون ذكل كطرحه لها. قاله صاحب الطراز، ويكره للمحرم عند المالكية غسل ثوبه الذي أحرم فيه، إلا لنجاسة فيه، فيجوز غسله بالماء فقط، وقال بعضهم: يجوز غسله بالماء أيضًا، لأجل الوسخ، فلا يختص الجواز بالنجاسة، لأن الوصخ مبيح لغسله بالماء على هذا القول، ولا يجوز للمحرم عندهم أن يغسل ثوب غيره خوف أن يقتل بغسله إياه بعض الدواب التي في الثوب. وقال بعضهم: فإن فعل افتدى. والظّاهر أن محل ذلك، فيما إذا لم يعلم أن الثوب ليس فيه شيء من الدواب، فإن علم ذلك، فلا بأس بغسله، ولا شيء فيه إن كان ذلك لنجاسة أو وسخ والله تعالى أعلم. ويجوز عندهم: أن يعصب المحرم على جرحه خرقًا وتلزمه الفدية بذلك. وقال التونسي: وفي المدونة: صغير خرق التعصيب والربط ككبيرها، وورى محمد: رقعة قدر الدرهم كبيرة فيها الفدية، وظاهر قول خليل في مختصره المالكي: أو لصق خرقة كدرهم: أن الخرقة التي هي أصغر من الدرهم، لا شيء فيها.